الخميس، 10 يوليو 2014

رمضان... وصدقاتنا

رمضان كريم على أمة سيدنا محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- وتقبل منا منكم الصيام والقيام وسائر الاعمال
بداية ادعو الله - عز وجل- ان يجزي كل من فعل خيرا في هذا الشهر الكريم من قول او عمل خير الجزاء، ولي بعض التعليقات على واحد من اكثر المشاهد المألوفة في هذه الايام، وهو:
نرى - بكل فرح وسرور وغبطة- مئات الالوف من السلال الغذائية المتنوعة توزع على الفقراء والمساكين -المستحقين وللاسف لمدعي الاستحقاق- وهو ان كان عمل نبيل وجميل ولكن توجد العديد من الملاحظات (من وجهه نظري القصير) تستحق منا الوقوف عندها، ومنها:
١. ضعف التحري عن المستحقين، حيث ان بعض المستلمين لهذه السلال (المقصود بها الصدقة) في الحقيقة ليسو ممن يجوز ان تصرف لهم الصدقات بل ان بعضهم يمتهنون التسول. كما يوجد الكثير ممن تجب لهم الصدقات هم ممن لا يسألون الناس تعففا وحياء. 
٢. التوزيع بعشوائية فالبعض ياخذ اكثر من حاجته بكثير والبعض الاخر لا يجد قوت يومه، فهناك من يظهر حاجته ويسأل الناس، وهناك المستكثر: وهو من لا يكتفي بما حصل عليه من الصدقات بل يقول: هل من مزيد؟ أما المتعففين فهم: لا يسألون الناس ولا يظهرون حاجتهم للناس ويحسبهم الغريب عنهم أنهم أغنياء من التعفف، وهؤلاء لا يصل لهم إلا أقل القليل. وما يظهر من المتصدقين والموزعين أنهم يوزعون الصدقات بسرعة وكأنهم يودون التخلص منها بأسرع ما يمكن.
٣. التركيز في هذا الشهر الكريم فقط على اخراج الصدقات دون غيره من سائر الشهور. 
٤. حصر الصدقات على السلال الغذائية دون الالتفات الى طرق اخرى لاخراج الصدقات، مثل: سداد الديون، سداد فواتير الكهرباء (رغم اننا نعيش في نفس الجو الصيفي الحار جدا)، شراء كسوة العيد، تأمين أدوية وعلاج للمرضى الفقراء، توفير بعض الاجهزة الكهربائية الاساسية في زمننا ( مكيفات، ثلاجات، ...)، سداد ايجارات البيوت للفقراء والمحتاجين( ايتام وارامل).
٥. التركيز على السعوديين دون غيرهم، وكأن الاسلام لا يدعونا للتصدق الا على ابناء الجنسية او الطائفة. 
هذه بعض المشاهد واترك الرأي لكم
وادعو الله -الكريم - مرة اخرى ان يتقبل منا جميعا كل عمل صالح نقوم به لوجهه الكريم 

الأربعاء، 21 مايو 2014

صرخة... وانا لله وإنا إليه راجعون


أقسم بالله – العلي العظيم – بأن ما سأرويه الان هو حقيقة تامة كاملة
منظر مخيف... لوحة شنيعة...
يا مسلمين
يا عباد الله
يا أمة سيدنا محمد – صلى الله عليه وآله وسلم –
عندي سؤال ارجوكم الاجابة عليه بكل صدق وأمانة
ما مقدار حرص كل واحد منا على مقتنياته الشخصية (مثلا: سيارته، ساعته، صورة حفل التخرج، دبلة زواجه،...)؟
هل من الممكن أن لا يهتم الواحد منا عليها، ولا يقوم بصيانتهما، والحرص على نظافتها؟
أعتقد أنه من المستحيل أن لا يقوم بذلك.
سؤال آخر إذا تكرمتم:
ما معنى كلمة (الله) لدينا؟ ما هي أهميتها؟ ما مقدار قدسيتها عندنا؟ وكيف نستشعر ألوهيته وربانيته؟ وكيف نكون محقين في الايمان به وبأسمائه وصفاته العليا؟
ما هو مقدار تعظيمنا لخاتم الأنبياء والمرسلين؟ وكيف تعظمه ونحترمه؟ هل بمجرد الصلاة عليه إذا ذكر؟ هل بزيارة قبره الشريف ومسجده الحرام فقط؟
كيف نتعامل مع كلام الله (القرآن الكريم)؟ وكيف نستمد منه كل ما هو ساري في حياتنا؟ هل بقراءته فقط؟ أم بحفظ ما استطعنا من آياته؟

قد يسأل سائل: لماذا كل هذه الأسئلة؟
سأجيب: تخيل يا أخي أنك في لحظة من اللحظات تنتشل لوحة جدارية صغيرة أبعادها لا تزيد عن مقاس ورقة A3 وقد نقشت عليها آية الكرسي، وتزينت بلفظ الجلالة واسم سيدنا محمد – صلى الله عليه وآله وسلم -، من أين؟ من صفيحة القمامة التي أمام بيتك.
تخيل أنك ترى لوحة خشبية وقد حفر عليها شهادة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وسورة الفلق وقد ألقيت بكل إهمال وصفاقة في قارعة الطريق وجوار صفيحة القمامة لكي تقوم شركة النظافة بتخليصك منها.
للأسف نرى كل يوم وفي كل شارع وجوار كل بيت من بيوتنا أوراق الجرائد ملقاة بكل وقاحة في قارعة الطريق، وهي تحتوي على البسملة (بسم الله الرحمن الرحيم) على الصفحة الأولى، ومن المستحيل أن يخلو أي عدد من أي جريدة سعودية من نعي لأحد المسلمين الذين توفاهم الله – تعالى – وقد ترأست النعيبضع آيات ممن القرآن الكريم (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ (27) ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً (28) فَادْخُلِي فِي عِبَادِي (29) وَادْخُلِي جَنَّتِي (30)) سورة الفجر.
هل هكذا نحن مسلمين؟
هل هكذا نحن مؤمنين بالله – العظيم – وبرسوله الكريم سيدنا محمد – صلى الله عليه وآله وسلم – وبدين الإسلام؟
لا أعتقد، لا أعتقد، لا أعتقد – رغم إيماني ويقيني بسعة رحمه الله – أرحم الراحمين – وجميل عطفه وعظم لطفه بنا،
ورغم ذلك نسأل الله المال والصحة والعافية والزوجة الصالحة والوظيفة المرموقة، ونأمل منه أن ينزل علينا رحماته وكرمه ولطفه بنا.
كيف ذلك؟؟
تعاملوا مع الله بما يجب، لكي نجد شيء يشفع لنا عنده ويدخلنا جنته
تذكرت الان هذا الحديث الشريف، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا، وَحَتَّى يُقْذَفَ فِي النَّارِ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ نَجَّاهُ اللَّهُ مِنْهُ، وَلاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" مسند أحمد (13174)
فهل نحن بأفعالنا كذلك؟
من هنا أطلق النداء لكل مسلم... لكل ضمير حي
اتق الله في نفسك فهذا الفعل لا يضر الله شيء
اتق الله في باقي المسلمين أن يحل عليهم غضبه بسببك
اتق الله ولو بشق تمرة
كما أطلق النداء الى كل مسؤول يستطيع تغيير هذا الواقع الأليم أن يبادر في اصلاح ما فسد، فليس هناك داعي من نقش البسملة وآيات القرآن الكريم – وللأسف هي لا تقرأ – في صفحات الجرائد أو على أي مطبوعة.
ختاماً
لا أقول سوى: "ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا، ربنا انك غفور رحيم"
واستلطف الله اللطيف بآية من كتابه الكريم (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا) سورة البقرة
وصلى الله على سيدنا وحبيبنا وشفعينا محمد بن عبدالله وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً
والحمد لله رب العالمين


ملاحظة: من أراد أن أرسل له صورة اللوحات أو يشرفني بزيارة لمعاينتها فأهلا وسهلا به.

الأحد، 30 مارس 2014

دراسة مقارنة مختصرة بين الادارة الاسلامية والادارة المعاصرة

الادارة: هي تلكم الكلمة التي أرى أنها كالماء، حيث ولابد من وجودها في عمل، وملازمة لكل نجاح. كنا في المقالة الماضية قد عرجنا – بعجالة – عن مفهوم الادارة، وأهميتها الواردة في القرآن كريم، وتنقلنا – بأسرع ما سمحت لنا به صفحات النشر – على تطور علم الإدارة، ولقد حصلنا على السماح من الرقيب على استكمال الكلام عنها بهذا الموضوع والذي سيسلط الضوء – ولو قليلاً- على نموذج من الادارة الاسلامية والادارة المعاصرة. فلقد تعددت نظريات وأساليب الادارة في العصر الحديث، وهناك العديد من النظريات التي تعد الاساس في نشوء على الادارة الحديث والتي قادها (فريدريك تايلور وهنري فايول) وهما من مؤسسي الفكر الاداري الغربي الحديث. وقد غفل – او تغافل – العلماء في العصر الحديث عن النظرية الادارية الاسلامية والتي تمثلت في رسالة الاسلام الخالدة، والتي تستمد أصولها من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة، وسير الخفاء الراشدين، موروث العلماء المسلمين في كافة عصورهم، ولعل في الزمن القريب كانت النظرية اليابانية في الادارة هي إحدى أكثر النظريات الادارية صيتاً ودراسة وتطبيقاً لما أثبتته من نجاح وتفوق على باقي النظريات، ويمكن توضيحا فيما يلي:
 النظرية الإدارية اليابانية:
تعريف ومفهوم النظرية الإدارية اليابانية:
هي من أفضل وأحدث النظريات المطبقة حالياً في كبرى المنظمات العالمية والتي أثبتت مدى فائدتها للمنشئات والإدارات الحكومية وغيرها، وأساس النظرية هو: أن العلاقة بين الإدارة والعاملين يسودها: الألفة، المودة، الثقة الكاملة.
ولم تهمل النظرية الفروق الفردية بين العاملين فبدلاً من تقسيمهم قامت النظرية على خلق بيئة اندماجية متكاملة بين الإدارة والعاملين ، فهي تقوم على بناء فرق عمل ذات اختصاص واحد وتحت إشراف مدير المجموعة وربما يكون أقل من حيث المرتبة والمنصب من شخص آخر يعمل ضمن نفس الفريق. هذا ما يسمى بالقائد.
وقد جاءت النظرية موافقة لنتاج فكري ثقافي متراكم في اليابان، ففيها كان المعبود الأول لديهم وإلههم الأوحد هو الإمبراطور، وكان هو الآمر الناهي في الإمبراطورية اليابانية. وحين نشبت الحرب بين اليابان وأمريكا، قامت أمريكا بهدم صرح عظيم لدى اليابانيين وهو .. الإمبراطور!
مع مطلع 1953م بدأ التحول في طريقة الإدارة في اليابان، وركيزة النظرية عند اليابانيين هي: عبادة العمل وزيادة الإنتاج، فأصبحت العقوبة لدى اليابانيين، منعهم من العمل. وقد اتجهت الإدارة اليابانية في بداياتها بتكوين فرق عمل، في الفصول الدراسية الأولى. ولا يوجد نجاح فردي لشخص واحد إنما يوجد نجاح مجموعة متكاملة، فالنجاح يسجل للجميع .. والرسوب كذلك. هذه البيئة العملية خلقت إنتاج يصل إلى ما يسمى الخطأ الصفري، وهو يعني أنه وعلى خط الإنتاج فإن المخرجات ذات العيب الصناعي .. هي صفر بالمائة.
وفي هذه البيئة الصحية للعمل، خرجت ما يسمى بإدارة الجودة الكاملة. كما ظهر مفهوم "فقط في العمل":  أي لا يوجد اعتصامات، لا يوجد أعياد رسمية، يوجد عمل وعمل فقط، وإنتاج يتزايد مع الوقت، حتى توصلوا إلى ما يسمى بـالتوريد اللحظي، ليكون المخزون يساوي صفراً. فلا يحتاجون لوجود مخازن كبيرة تأخذ أماكن واسعة من بلد يكتظ بالناس العاملين.
إن أسلوب الإدارة الياباني يعتمد على نظرية الإدارة بالجودة الشاملة، أو ما يسمى "مبادئ ديمنغ"، وهو الإداري الاقتصادي الأمريكي الذي وضعها لليابانيين ، وهي منظومة من المبادئ والأدوات والممارسات التي تهدف إلى تحقيق الرضا عند الزبون. وتساعد الإدارة بالجودة الشاملة على تحقيق الهدف من خلال إلغاء العيوب والأخطاء التي قد ينطوي عليها المنتج أو الخدمة، وإضفاء طابع القوة على التصميم الذي يخرج به المنتج، وتسريع الخدمة، تخفيض التكلفة وتطوير جودة العمل كل ذلك من خلال تغيير ثقافة التنظيم.[2]
خصائص النظرية الإدارية اليابانية:
  1. مبدأ التوظيف مدى الحياة: ومعنى ذلك أن العامل الي يعيش في منظمة ما فهو يبقى فيها الى بلوع سن التقاعد، ولا يتم الاستغناء عنه الا لأسباب قهرية، أو بنا على طلبه، وهذا يسخ مفهم الاستقرار لدى العامل.
  2. المشاركة في اتخاذ القرار: وهذا يخلق انسجاماً وتوافقاً بين أهداف العاملين، وأهداف المنظمة، ويوفر نوعاً من الرقابة الذاتية.
  3. البطء في التقييم والترقية: من خلال التركيز على تطوير المهارات المهنية للعاملين، حيث يتم نقل العامل من موقعه إلى موقع آخر على المستوى الإداري الواحد نفسه، ليعطي العمل صفة الشمولية والكمال.
  4. التعليم والتدريب التطوير المستمر دوماً: حيث تقدم الإدارة اليابانية التعليم والتدريب لكافة الأفراد من عاملين ومديرين وبقية المستويات- كل حسب عمله- وطيلة فترة خدمتهم، الأمر الذي يؤدي إلى احتراف العامل في عمله مما ينجم عنه زيادة الإنتاج وتحسين نوعية المنتجات.
  5. الرقابة الذاتية: حيث يراقب العامل نفسه بنفسه عوضاً عن الرقابة الخارجية، وها الأسلوب له ميزتان:
    أ‌.        يعزز ثقة المرؤوسين في نفس الرؤساء.
    ب‌.   يلزم الرؤساء بتعريف العاملين بفلسفة وأفكار وأهداف المنظمة.
  6. التقاعد المبكر: إن سن التقاعد في اليابان هو سن الخامسة الخمسون عاماً، وذلك حتى يفسح المجال أمام الشباب ليأخذوا فرصهم في العمل والحياة والوظيفة، ويقدم للمتقاعدين مكافآت مجزية في نهاية الخدمة.
  7. الإدارة الأبوية: تتصف معاملات المدير مع الموظفين بالأبوية، ويعاملهم كما يعامل أبناءه إلى درجة أنه يساهم في حل مشكلاتهم العائلية، وقد يشارك في اختيار زوجة لأحد العاملين.
من هنا نجد أن النظرية الإدارية اليابانية تركز تركيزاً كبيراً على الموارد البشرية، دون التركيز على المقع الجغرافية أو الموارد الاقتصادية، ويستدل على ذلك أن دولة مثل اليابان هي فعلاً بلا موارد اقتصادية وموقعها الجغرافي ليس ذو أهمية على خارطة كوكب الأرض.
النظرية الإدارية الاسلامية:
تعريف ومفهوم النظرية الإدارية الاسلامية:
يعرفها الدكتور/ حزام المطيري حين يقول: "هي تلك الإدارة التي يتحلَّى أفرادُها - قيادةً وأَتْباعًا، أفرادًا وجماعات، رجالاً ونساءً - بالعلم والإيمان عند أدائهم لأعمالِهم الموكلة إليهم، على اختلافِ مُستوياتهم ومَسؤولياتِهم في الدولة الإسلامية، أو بمعنى آخر: هي الإدارةُ التي يقوم أفرادُها بتنفيذ الجوانب المختلفة للعملية الإدارية على جميعِ المستويات، وفقًا للسياسة الشرعية"[3].
ويمكن تلخيص خصائص النظرية الإدارية الإسلامية فيما يلي:
  1. المشاركة في اتخاذ القرار: والأدلة على ذلك كثيرة جدا سواء كان ذلك في القرآن الكريم أو السنة المطهرة، مثل: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ)[4]. وما ورد في السنة المطهرة ما أخبر عنه الصحابي الجليل أبو هريرة حين قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -: (إِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ خِيَارَكُمْ وَأَغْنِيَاؤُكُمْ سُمَحَاءَكُمْ وَأُمُورُكُمْ شُورَى بَيْنَكُمْ فَظَهْرُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ بَطْنِهَا وَإِذَا كَانَ أُمَرَاؤُكُمْ شِرَارَكُمْ وَأَغْنِيَاؤُكُمْ بُخَلَاءَكُمْ وَأُمُورُكُمْ إِلَى نِسَائِكُمْ فَبَطْنُ الْأَرْضِ خَيْرٌ لَكُمْ مِنْ ظَهْرِهَا).[5]
  2. حسن اختيار المدير أو القائد: إن لكل مدير الأثر البالغ على أداء العاملين للعمل، فمن مدير باعث على الإبداع والانجاز ومشجع على التمييز والتطور، الى محبط للمعنويات والهمم ومثير للقلق والتوتر، وهذا بالتأكيد يؤثر على بيئة العمل والإنتاجية ، فالمدير المتميز بمهاراته وأخلاقياته إما أن يكون داعماً لنجاح فريقة وشركته، وإما أن يكون عقبة تعرقل عجلة الإنتاج والتقدم، وكما يقولون وراء كل إدارة ناجحة مدير فعال وناجح. إن اختيار الشركة لمدير متميز يجب ألا يترك للصدفة، وإنما لابد من وضع معايير يمكن من خلالها الوصول إلى تلك الغاية، وقال أورد لنا الأمام علي بن أبي طلب – كرم الله وجهه – بعضاً منها حين قال لمالك الأشتر: (انظر في امور عمالك فاستعملهم اختبارا ولا تولهم محاباة وإثره فإنهما جماع من شعب الجور والخيانة وتوخ منهم أهل التجربة الحياة) يضيف بعدها: (من أهل البيوت الصالحة والقدم في الإسلام، فإنهم أكرم أخلاقاً، وأصح أعراضاً، وأقل في المطامع إشراقاً، وأبلغ في مواقع الأمور نظراً).العمل
  3.  المقرون بالعلم والتجربة: إن أول الكلام في النظام الإسلامي وهو أول الوحي المنزل على نبينا الكريم –صلى الله عليه وسلم – في الآية: (اقرأ)[6]، وقد ذكر العلم في القرآن الكريم (112) مرة، كما أن السنة النبوية المشرفة مليئة بما يحث على العلم واجتماعه مع العمل.
  4. التقدم في العمل: ويكون مقرونا بعدة امور منها:

أ‌.        انتهاز الفرص: كما يقول الأمام علي بن أبي طلب – كرم الله وجهه –: (انتهزوا فرص الخير فإنها تمر مر السحاب)[7].
ب‌.   التقدم المستمر: إن التوقف هو الموت، والتقدم هو الحياة، ومن يتقدم هو الكيس، والكيس من كان يومه خير من أمسه.
ت‌.   مرافقة ذوي التجارب والخبرات: يقول الأمام علي بن أبي طلب – كرم الله وجهه –: (أفضل لو شاورت ذوي التجارب)[8].
ث‌.   الإدارة الأبوية: حقاً إن المدير هو الأب، ويحب أن يتعامل مع العاملين كأنهم أبنائه، قد قال الإمام علي بن أبي طالب – رضي الله عنه – للأشتر: تفقد من أمورهم ما يتفقد الوالدان من ولدهما.
خاتمة:
إن المتبصر في واقع الإدارة اليابانية وخصائصها يجد أنها ليست بعيدة عن المفاهيم الإدارية التي جاءت في القرآن الكريم والسنة المطهرة وسير الخلفاء الراشدين والعلماء الكرام، حتى أننا نجد أن بعضهم يقول إن التجربة اليابانية قامت على أسس أكد على الدين الإسلامي.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل توجد علاقة بين التجربة اليابانية الفكر الإسلامي؟
ويمكن الإجابة على هذا السؤال بعده أوجه، منها:
أ‌.        إن خصائص التجربة اليابانية هي من لب وقلب الأفكار الإسلامية التي دعا إليها القرآن الكريم السنة المطهرة، مثل: الشورى، أهمية العمل الجماعي، المعاملة الحسنة، إعطاء الحقوق لأهلها،...
ب‌.   إن الفترة التي بدأت تظهر فيها قوة اليابانيين (عام 1886م) بينت أن زعيمهم (مايجي) قد قرر أن يعتنق الاسلام، هل قرر ذلك دون أن يتعرف على الفكر الإسلامي؟
ت‌.   إن من رواد الجيل الأول ونبغاء اليابانيين في ذلك العصر (توشيهيكو ايزوتو) وهو أول من ترجم القرآن الكريم الى اللغة اليابانية، وكتب عن المصطلحات الأخلاقية في القرآن الكريم، وعن مفاهيم الأخلاق في الإسلام، وقد ألف كتب يحمل عنوان (الله.. والانسان في القرآن الكريم)، وله العديد من الدراسات والكتب التي تدل على مدى تعمق هذا الرجل في الدراسات الاسلامية ومدى حجم تأثيره الكبير على أبناء جيله من اليابانيين.
ث‌.   إن كثيراً من الباحثين اليابانيين يعتبرون (ايزوتسون) ودراساته عن الاسلام شكلت ركيزة أساسية وصلبة لولادة تيار عريض من الباحثين المهتمين بالدراسات العربية والاسلامية في اليابان، وذلك في النصف الثاني من القرن العشرين، وقد تتلمذ على يديه جيل كامل من الذين تخصصوا في الدراسات الاسلامية والعربية أثروا بصورة كبيرة على تطور النظرية الإدارية اليابانية.[9]
من خلال هذه النقاط وغيرها يمكننا أن نجزم ان هناك علاقة وطيدة بين التجربة اليابانية والفكر الاسلامي، فعلى المبهورين بالتجربة اليابانية أن يراجعوا حساباتهم ويعودوا الى ثقافتهم الأولى، ويدرسوا القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة وسيرة الخلفاء الراشدين والعلماء الكرام، ليعلموا أن النهضة الإسلامية سبقت غيرها من أهل المشرق والمغرب بأكثر من ألف أربعمائة عام.




[1] الادارة في سورة سيدنا يوسف – عليه السلام -، دراسة موضوعية.
[2] http://www.hrdiscussion.com/hr56297.html
[3] حزام ماطر المطيري، "الإدارة الإسلامية: المنهج والممارسة"، ص 50.
[4] سورة آل عمران، الآية رقم 159
[5] سنن الترمذي، ح 2266، ص 513
[6] سورة العلق، الآية رقم 1
[7] غرر الكلام، 2/96
[8] غرر الكلام، 3/428
[9] مجلة البناء، العدد 49، سبتمبر سنة 2000م.

الأربعاء، 26 مارس 2014

الادارة... من القرآن الكريم

يقول مايكل هارت في مقدمة كتابه "العظماء المائة":
إن اختياري محمداً، ليكون الأول في أهم وأعظم رجال التاريخ، قد يدهش القراء، ولكنه الرجل الوحيد في التاريخ كله الذي نجح أعلى نجاح على المستويين: الديني والدنيوي.
فهناك رُسل وأنبياء وحكماء بدءوا رسالات عظيمة، ولكنهم ماتوا دون إتمامها، كالمسيح في المسيحية، أو شاركهم فيها غيرهم، أو سبقهم إليهم سواهم، كموسى في اليهودية، ولكن محمداً هو الوحيد الذي أتم رسالته الدينية، وتحددت أحكامها، وآمنت بها شعوب بأسرها في حياته. ولأنه أقام جانب الدين دولة جديدة، فإنه في هذا المجال الدنيوي أيضاً، وحّد القبائل في شعـب، والشعوب في أمة، ووضع لها كل أسس حياتها، ورسم أمور دنياها، ووضعها في موضع الانطلاق إلى العالم. أيضاً في حياته، فهو الذي بدأ الرسالة الدينية والدنيوية، وأتمها.
وإن الله – عز وجل – قد أكرم أعظم البشر سيدنا محمد – صلى الله عليه واله وسلم – بأعظم المعجزات، وهي القرآن الكريم، والذي يعتبر الدستور الشامل لكل ما يواجهه الانسان في حياته على جميع الأصعدة (الشخصية، والعائلية، البيئية، المجتمع،....)، كما يرسم له خارطة النجاح في الحياة بكل ما فيها من علوم (دينية، فلكية، طبية، هندسية،...)،ويعتبر الكثير من المفكرين أن سورة سيدنا يوسف – عليه السلام – مليئة بالدروس والفنون والمهارات الادارية، والتي سنسلط عليها قليلا من الضوء من خلال العديد من المقالات، وسنبدأ في هذ ه المقالة عن علم الادارة.
مفهوم الادارة
إن كلمة الإدارة لم ترد في أي آية من آيات القرآن الكريم، ولكم جاء مشتق من مشتقاتها في الآية الكريمة: (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ)[1]، والذي يمكن استعماله بنفس المعنى الشائع للفعل الأساس (أدار) في عصرنا الحاضر وهو: إدارة الشئون سواء أكان ذلك في مؤسسة علمية او عملية ، او على مستوى الأسرة، قال بن المنظور يقال: مداورة الشئون ومعالجتها والمداورة المعالجة[2]. وكما هو واضح وجلي قوة الارتباط بين علوم الادارة والتجارة. ويعرفها الدكتور أحمد توفيق: " إن الادارة عملية متميزة تتكون من التخطيط والتنظيم والتشغيل والتوجيه والرقابة، تتميز لتحديد وتحقيق الأهداف عن طريق استخدام القوى البشرية الموارد الأخرى"[3].
من خلال التعريف السابق والعديد من التعريفات التي أوردها الكثير من العلماء المختصين يظهر لنا أن الادارة تنحصر في أحد جانبين هما: العلم أو الفن، ونجد كل منهم يدافع عن وجهه نظرة. الذي يقول أن الادارة علم يعتمد على الاسلوب العلمي في وظائفها كالتخطيط والتنظيم والرقابة وفي اتخاذ القرار كالعلوم والعلاقات الانسانية وسلوك الافراد، وأن الذي يحكم هذه الوظائف هي قوانين علمية ثابتة لو طبقت في ظرف من الظروف ومن وجهة نظر أي شخص فإن الادارة تكون في احلى صورها. أما الذين يقولون بأن الإدارة فن فإنهم يدافعون عن وجهة نظرهم بأن العملية الإدارية تختص بالجهد البشري من أجل الوصول الى أفضل النتائج من خلال التدريب والتحفيز والتنسيق والتوجيه، فهي مركبة على مواهب الشخص الذي يدير المنظمة أو المشروع، وقد تؤثر عليه الكثير من العوامل الأخرى (الدينية، الاجتماعية، الاقتصادية،..). ومن الممكن أن هذه الخلافات قد وصلت الى مجموعة أخرى من العلماء والمختصين ورأوا أن الإدارة في مزيج بين العلم والفن لا يمكن أن ينفلا عن بعضهما البعض. وإذا ما أردنا أن نرى الإدارة من خلال ما تضمنه الشارع الإسلامي إنه يمكننا القول بأن الإدارة  الإسلامية هي علم وفن وعقيدة، فهي علم لأنها تحتوي على مجموعة من القوانين والمبادي والنظريات، وهي فن كونها تعتمد على موهبة الشخص وقدرته على استخدام الطريقة المثلى لتحقيق الهدف، وهي عقيدة لأن تلك المبادئ والقواعد مستندة على القرآن الكريم والسنة الشريفة[4].
أهمية الإدارة في القرآن الكريم
لقد احتوى القرآن الكريم على العديد من المفاهيم والمصطلحات الإدارية والتي أسهمت في ترسيخ المفهوم الإداري، وسوف نتعرف على بعضاً من هذه المفاهيم والمصطلحات، وما تمثله من الرؤية الشمولية والتي ينبغي أن تحيطنا عند تناول الإدارة من المنظور القرآني. وهي:

  1. الأمة: وتعني جماعات الناس المرتبطين مع بعضهم روحياً وحياتياً، قال الله تعالى: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ)[5].
  2. البيعة: وهي صيغة التولية في الاسلام، قال الله تعالى: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)[6]، وتعني قبول الامارة والأمير وحق الطاعة له.
  3. الشورى: وهي التشاور في الأمر، قال الله تعالى: (وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ)[7]، وهي وسيلة مهمة تخدم المفهوم الإداري، حيث يستفاد من صاحب الرأي السديد ولا يكون الرأي حكراً على فئة دون أخرى.
  4. الخليفة: وهو القائد العام والمدير الحقيقي ويمثل رأس الهرم في العملية الإدارية، قال الله تعالى: (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً)[8].
  5. أولو الأمر: وهم القادة المطاعين، ويمثلون مجموع القيادة سواء العليا أو الدنيا، قال الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ)[9].
  6. العمال: وهم الأجراء والأعوان الذين يقومون بأداء المهام وتقديم الخدمات للناس بأجر محدد، قال الله تعالى:  (تَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ)[10].
القرآن الكريم يشمل كل أسس الإدارة
قال الله تعالى: (قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عَاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)[11]، ويقول عز من قائل: (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ، قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُمَا سُلْطَانًا فَلَا يَصِلُونَ إِلَيْكُمَا بِآَيَاتِنَا أَنْتُمَا وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغَالِبُونَ)[12]، ويقول: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا)[13]. بعد هذا السرد الواضح والمعبر عن مفاهيم ومصطلحات الإدارة من خلال الآيات القرآنية، وفي مواضيع متعددة، ترى: هل نستطيع أن نقول بأن القرآن الكريم قد احتوى على كل معاني الإدارة؟ طبعاً لا نقول ذلك، بل نجزم بأن القرآن الكريم أكثر تفصيلاً، وأشمل معاني، ويدخل الروح لطبيعة الأعمال ويحميها.
تطور علم الإدارة
تعتبر الإدارة بالمفهوم العام من أقدم الأنشطة الإنسانية، لأن الإنسان في حياته لابد وأن يدير نفسه من أجل تحقيق أي نوع من أنواع الحياة، سواء كان صيداً أو زراعة أو صناعة، وهي من الحرف التي ابتدأ الانسان بها حياته، ثم تطور به الامر الصناعة والتجارة. كل هذه المجالات التي يستفيد منها الانسان لابد وأن يستخدم كافة ما يملك من قدرات من أجل إيجادها وتطيرها واستمرارها، لأنها أساس مهم وعامل من عوامل البقاء له في الوجود.
إن تاريخ الإنسان ابتدأ من سيدنا آدم – عليه السلام – حافل بالوقائع التي تثبت أنه استفاد من غيره في كل نواحي الحياة، ونحن نستطيع أن نلخص ذلك من خلال القرآن الكريم من واقع القصص التي جاءت فيه، كقصة سيدنا موسى – عليه السلام – وكيف استطاع أن يعبر باليهود الى أرض الميعاد، وكذلك قصة سيدنا يوسف – عليه السلام – وكيف استطاع أن تبليغهم الأزمة التي مرت بها مصر في زمانه، وقصة سيدنا سليمان – عليه السلام – مع الصديق وحياة بلقيس في اليمن. إن واقع العمل الإداري موجود في كل زمان ومكان ولكنه يختلف باختلاف الموجودين فيه وما يملكونه من قدرات مادية أو معنوية. ويمكن القول والتأكيد على أن الحاجة الى الإدارة ظهرت منذ بدأت الحياة البشرية، لأن الانسان يشعر بأن الظروف المحيطة به تحتم عليه التعاون بينه وبين غيره من أجل الوصول الى الأهداف التي يفكر كل واحد منهم فيها. وهناك قاعدة واضحة هي أن الروح الفردية والنزعة الشخصية كانت سائدة بين أفراد المجتمعات البدائية لأنهم لا يفكرون الا في ذواتهم، ولا ينتجون الا ما يكفيهم، وفي حالة التخلص من هذه الصفات ينتقل التفكير الى واقع أوسع وأكبر يكون الرقي التقدم والاستفادة على مستوى الجميع.
يقول كلودس جورج: "إن تاريخ الفكر الإداري مرتبط بالتاريخ البشري ارتباط الفرع بالأصل، الا أن الناس في القديم – وإن كان منهم مديرون – لم يكتبوا عن الادارة بل كانوا يمارسونها عملياً فعرفوا القيادة والتنظيم واتخاذ القرارات"[14]. ويقول الامام القرطبي في شرح الآية: (لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آَيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ)[15]، لقد مارست اليمن الادارة والسيادة المستقلة في أزمنة كثيرة منها حقبة بني تبع وبني حمير[16]. وتظهر الادارة واضحة للعيان في قصة سيدنا يوسف – عليه السلام -، فقد قال صاحب كتاب قطوف إدارية في القرآن الكريم: "ويجري التخطيط والبرمجة على مراحل حسب الظروف الزمانية والمكانية مع استشراف المستقبل وبقدر الامكانات المتوفرة البشرية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية والمالية والمادية والطبيعية والفنية النفسية"، يقول الله – عز وجل -: (يُوسُفُ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ أَفْتِنَا فِي سَبْعِ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعِ سُنْبُلَاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ لَعَلِّي أَرْجِعُ إِلَى النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَعْلَمُونَ)[17].
سنقوم في المقالة القادمة – بإذن الله – بتقديم دراسة مقارنة مختصرة بين الادارة الاسلامية والادارة المعاصرة ممثلة في التجربة اليابانية.



[1] سورة البقرة، الآية رقم 282 [2] تاج العروس 11-338 [3] أصول الادارة في القرآن والسنة، ص 45
[4] أصول الإدارة في القرآن والسنة، ص57 [5] سورة آل عمران، الآية 104 [6] سورة الفتح، الآية 18
[7] سورة الشورى، الآية 38 [8] سورة البقرة، الآية 30 [9] سورة النساء، الآية 59 [10] سورة آل عمران، الآية 159 
[11] سورة الأنعام، الآية 135 [12] سورة القصص، الآيات34-35 [13] سورة الطلاق، الآية 7
[14] تاريخ الفكر الإداري، ص23 [15] سورة سبأ، الآية 15 [16] تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ح16
[17] سورة يوسف، الآية 46